2025-10-19 05:17:13
على مر تاريخها الطويل، ارتبطت الحركة الأولمبية بالسياسة بشكل وثيق منذ انطلاقتها الأولى. ورغم تعدد حالات المقاطعة على مدار أكثر من قرن من الزمن، فإن السجلات التاريخية تؤكد فشلها الذريع في تحقيق الأهداف السياسية التي دعت إليها، أو حتى في عرقلة إقامة الدورات الأولمبية أو تغيير مواعيدها.
تبدأ القصة منذ الألعاب الأولمبية الحديثة الأولى في أثينا عام 1896، حيث شاركت المجر كبعثة مستقلة رغم كونها جزءاً من الإمبراطورية النمساوية المجرية آنذاك. وقد برر مؤسس الأولمبياد الحديثة بيير دي كوبيرتان هذا القرار بمبدأ أن “السياسات الجغرافية الأولمبية تبطل سيادة الدولة”.
لكن هذا المبدأ المثالي سرعان ما انتُهك بعد الحرب العالمية الأولى، عندما مُنعت دول المهزومين من المشاركة في أولمبياد 1920 و1924. وتكرر المشهد بعد الحرب العالمية الثانية بمنع ألمانيا واليابان من المشاركة في أولمبياد لندن 1948.
وشهدت حقبة الحرب الباردة تصاعداً كبيراً في وتيرة المقاطعات السياسية، حيث قاطعت إسبانيا وهولندا وسويسرا أولمبياد 1956 احتجاجاً على القمع السوفياتي للمجر، بينما قاطعت مصر والعراق ولبنان نفس الدورة بسبب العدوان الثلاثي على مصر.
ولعل أكثر الفترات إيلاماً في التاريخ الأولمبي كانت أحداث ميونخ 1972، عندما هاجم مسلحون فلسطينيون البعثة الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل 11 رياضياً إسرائيلياً وشرطي ألماني وخمسة من المهاجمين. ورغم المأساة، أكد رئيس اللجنة الأولمبية الدولية آنذاك أن “الدورة يجب أن تستمر”.
وشهدت أولمبياد 1976 مقاطعة 28 دولة أفريقية بسبب رفض اللجنة الأولمبية الدولية استبعاد نيوزيلندا، بينما قادت الولايات المتحدة مقاطعة 42 دولة لأولمبياد موسكو 1980 رداً على الغزو السوفياتي لأفغانستان، ليرد الاتحاد السوفياتي بمقاطعة أولمبياد لوس أنجلوس 1984.
المثير للاهتمام أن هذه المقاطعات المتعاقبة لم تحقق أي من أهدافها السياسية. فالاتحاد السوفياتي لم ينسحب من أفغانستان بسبب المقاطعة، واستمرت سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا لأكثر من عقد بعد أولمبياد 1976.
ومنذ أولمبياد سول 1988، لم تشهد الدورات الأولمبية أي مقاطعات كبيرة، حيث أدركت الدول أن المقاطعة الرياضية لا تؤثر في التغيير السياسي المنشود، بل تعاقب الرياضيين الأبرياء دون تحقيق نتائج ملموسة. كما قال المتحدث باسم اللجنة الأولمبية الأمريكية: “المقاطعة الأولمبية تعتلي قمة قائمة أسوأ الأفكار”.