2025-07-04
يوسف زيدان اسم لامع في سماء الثقافة العربية، روائي ومفكر وباحث في التراث الإسلامي، جمع بين عمق البحث الأكاديمي ورشاقة الأسلوب الروائي. وُلد في مدينة سوهاج المصرية عام 1958، ليشق طريقه من قرى الصعيد إلى العالمية، حاملاً معه تراثاً ثقافياً هائلاً ومشروعاً فكرياً تجديدياً أثار إعجاب الكثيرين وانتقاد البعض الآخر.
بين الفلسفة والتراث
حصل زيدان على درجة الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية، وتخصص في دراسة المخطوطات والتراث الصوفي. أدار مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، حيث اطلع على كنوز معرفية نادرة. تميزت كتاباته الأكاديمية بالجمع بين المنهج العلمي الدقيق واللغة الأدبية الرصينة، كما في كتابه “اللاهوت العربي” الذي يحلل تطور الفكر الديني في المنطقة.
نجاح روائي لافت
تحول زيدان من الباحث الأكاديمي إلى نجم ساطع في سماء الرواية العربية بعد نشر “عزازيل” عام 2008. الرواية التي حصلت على جائزة البوكر العربية، أثارت ضجة كبيرة بجرأتها في تناول التاريخ الديني المسيحي في القرن الخامس الميلادي. تبعها بأعمال روائية أخرى مثل “النبطي” و”فردقان” و”محال”، حيث برع في مزج التاريخ بالخيال، والتراث بالمعاصرة.
الجدل الذي يلاحقه
لم يكن طريق يوسف زيدان مفروشاً بالورود، فقد واجه انتقادات حادة من بعض الأوساط الدينية والمحافظة بسبب آرائه الجريئة في قراءة التراث وتفسير التاريخ الديني. إلا أنه ظل مدافعاً عن حق المفكر في إعادة قراءة التراث بعين نقدية، معتبراً أن هذا هو الطريق الوحيد لتجديد الفكر العربي.
إرث ثقافي متعدد الأوجه
اليوسف زيدان ليس مجرد روائي أو باحث، بل هو نموذج للمثقف الشامل الذي يرفض التخصص الضيق. جمع بين الفلسفة والأدب، بين التحقيق العلمي للمخطوطات والإبداع الروائي، بين الجذور التراثية والهموم المعاصرة. أعماله تشكل جسراً بين الماضي والحاضر، وتفتح نوافذ للتساؤل والحوار، وهو ما تحتاجه الثقافة العربية في زمن التحولات الكبرى.
يبقى يوسف زيدان أحد أهم الأصوات الثقافية العربية التي تستحق القراءة والمناقشة، سواء اتفقنا معه أم اختلفنا، فهو يمثل ظاهرة فكرية تستحق الدراسة في زنزانة الثقافة العربية المعاصرة بين الانغلاق والانفتاح، بين الثابت والمتغير.